للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجملة هي كلها شيء واحد، وجماعها الدين، ولذلك قال: «ذاك جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم» .. (١).

** ثم نقول:

: أليس الذى عرَّف الإيمان بالتصديق الباطن في حديث جبريل هو -صلى الله عليه وسلم -الذي عرَّفه بأعمال الجوارح في قوله: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللهِ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:

«شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنَّ تُؤَدُّوا خُمُسًا مِنَ الْمَغْنَمِ؟!!!

٣_ الشبهة الثالثة:

قوله تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) فجعل محل الإيمان هو القلب، وعمل الجوارح ليست من الإيمان!!!

** وجواب ذلك أن يقال:

ليس في الآية ما يشير إلى إخراج عمل الجوارح من الإيمان، بل غاية ما فيها هو التأكيد على ضرورة الاعتقاد القلبي في ثبوت الإيمان، فالآية في الحقيقة حجة على من استدل بها، لا حجة له؛ وذلك من وجهين:

١ - الأول: ما ذكره الطبري بقوله:

وهو أن الله تقدّم إلى هؤلاء الأعراب الذين دخلوا في الملة إقرارا منهم بالقول، ولم يحققوا قولهم بعملهم أن يقولوا بالإطلاق آمنا دون تقييد قولهم بذلك بأن يقولوا آمنا بالله ورسوله، ولكن أمرهم أن يقولوا القول الذي لا يشكل على سامعيه والذي قائله فيه محقّ، وهو أن يقولوا أسلمنا، بمعنى: دخلنا في الملة لحفظ الأنفس والأموال بالشهادة الحق (٢).

٢ - الثاني: ما ذُكر في الآية التي تليها مباشرة، في قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادقون} فلقد جعل الجهاد بالنفس والمال من الإيمان، وهى أعمال جوارح، فتأمل.


(١) شرح السنة (١/ ١١)
(٢) جامع البيان في تأويل القرآن (٢٢/ ٣١٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>