للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطريقة أهل السنة في علاقة عمل الجوارح بمسألة الإيمان أنهم جعلوا جنس الأعمال ركناً من أركان الإيمان، وليس كل فرد من أفراده ركناً فيه، وعليه فإنه يجتمع عندهم في الشخص الواحد حسنات وسيئات.

كما أنهم لم يجعلوا كل الأعمال شرطاً في صحة الإيمان، بل جعلوا كثيراً منها شرطاً في الكمال، والمعتزلة جعلوها كلها شرطاً في الصحة. (١)

والقاعدة التي توضح لك منهج أهل السنة في ذلك أن يقال:

.

.

**جنس الأعمال ركن الإيمان لا آحاده، إلا بدليل **

والمعنى:

أن الذي يتحقق به الكفر إنما هو ترك العمل كلية، عمل القلب أو عمل الجوارح، وليس آحاد العمل، كما نص عليه الخوارج والمعتزلة، ثم جاء الاستثناء " إلا بدليل": أي إلا إذا دل الدليل على أن عملاً بعينه يكفر المرء بتركه كلية، كما هو الحال في ترك الصلاة بالكلية.

* أما ما ذهبوا إليه من القول بكفر فاعل الكبيرة فهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة، وقد استوفينا الرد عليه في رسالتنا " إتحاف الجماعة بشرح حديث أسعد الناس بالشفاعة" بما يغني عن إعادتها هنا. (٢)

** و مما نزيده هنا أن يقال:

النصوص المتواترة على عدم خروج مرتكب الكبيرة من مطلق الإيمان، ولذلك فإنَّ العقوبات الشرعية من القصاص و الحدود تُطبَّق على شارب الخمر والزانى والسارق، ولو كان يخرج بالكبيرة من الإيمان لطبق عليه حد الردة وقتل، ولما طبقت عليه تلك الحدود.

قال الأوزاعي:

قال: أدركت من أدركت من صدر هذه الأمة، ولا يفرِّقون بين الإيمان والعمل، ولا يعدُّون الذنوب كفراً ولا شركاً. (٣)


(١) وانظر معارج القبول (٢/ ٣٠) وبراءة أهل الحديث (ص/٦٦) ودرء الفتنة عن أهل السنة (٣٨)
(٢) هذه الرسالة ملحقة بكتابنا "الأربعون العقدية"
(٣) أخرجه حرب الكرماني فى مسائل أحمد واسحاق بن راهوية (ص/٣٦٨) وانظر الإيمان عند السلف وحقيقته بالعمل (٢/ ١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>