للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ. (١)

*وأما الأصل الثانى:

والذى هو النجاة من محن الدنيا ومضايقها، ومن كل أذى فله موارد كثيرة، قال تعالى (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) (الرعد/١١)

قال ابن عباس رضى الله عنهما:

والمعقبات من الله هم الملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدر الله تعالى: خلوا عنه. (٢)

قال ابن كثير:

للعبد ملائكة يتعاقبون عليه، حرس بالليل وحرس بالنهار، يحفظونه من الأسواء والحادثات. (٣)

وفى حديث أبى هريرة -رضى الله عنه- لما قَالَ له الشيطان:

إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ» (٤)

قال ابن رجب:

ومن حفظ الله للعبد: أن يحفظه في صحة بدنه وقوته وعقله وماله، وقد تأول بعضهم على ذلك قوله تعالى (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) (التين: ٥ - ٦)

وكان أبو الطيب الطبري قد جاوز المائة سنة وهو متمتع بعقله وقوته، فوثب

يوماً من سفينة كان فيها إلى الأرض وثبة شديدة، فعوتب على ذلك، فقال:

هذه جوارح حفظناها في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.

وقال محمد بن المنكدر:

إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وقريته التي هو فيها والدويرات التي حولها فما يزالون في حفظ من الله وستر. (٥)

وقال تعالى: (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ) [الأنبياء: ٤٢]

قال ابن كثير:

أي بدل الرحمن، يمتنُّ سبحانه وتعالى بنعمته على عبيده وحفظه


(١) أخرجه البخاري (٦٥٠٢)، وقد تم شرح هذا الحديث ضمن سلسلة " الأربعون العقدية "، بعنوان "ضوء الثريا شرح حديث من عادى لي ولياً "
(٢) جامع البيان عن تأويل آي القرآن (١٦/ ٣٧١)
(٣) تفسير القرآن العظيم (٤/ ٤٣٧)
(٤) أخرجه البخاري (٣٢٧٥)
(٥) وانظر روائع التفسير (١/ ٥٧٥) و نورالاقتباس في مشكاة وصية النبي -صلى الله عليه وسلم -لابن عباس (ص/٥١)

<<  <  ج: ص:  >  >>