للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدِيرٌ} [الملك: ١]، وفي حديث أَيُّوبَ -عليه السلام-:

«لا غِنى لي عن بركتِكَ...» (١).

وكذلك يجعل الله البركة فيما شاء من مخلوقاته؛ قال تعالى حاكياً عن المَسيح: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ...} [مريم: ٣١]. (٢)

٢) الأشياء التي جعل الله -تعالى- فيها البركة لا تُعرف إلا بأدلة الشرع.

٣) الأشياء التي جعل الله -تعالى- فيها البركة لا تُستعمل إلا على الوصف الذي دَلَّتْ عليه أدلة الشرع.

* نعود. للسؤال:

عندما قال بعضُ الصحابة -رضى الله عنهم- للنبي صلى الله عليه وسلم:

"اجعل لنا ذات أنواط كما أن لهم ذات أنواط" هل هذا من الشرك الأكبر أم من الشرك الأصغر؟

من العلماء من قال: إنّ طلبهم هذا من الشرك الأكبر، ولكنْ عذرَهم الرسولُ صلى الله عليه وسلم؛ لحَداثة عهدهم بالإسلام (٣).

لكن الراجح -واللهُ أعلم- أن هذا مِن الشرك الأصغر؛ وذلك لأُمورٍ:

١ - الأمر الأول:

أنهم طلبوا ولم يَفعلوا، وقد نص العلماء على أنهم طلبوا مُجَرَّدَ المُشابَهة في أن تكون لهم شجرةٌ يَنوطون بها السِّلاحَ يستمِدُّون بها النَّصرَ، لا منها؛ بسبب ما ينزل من البركة عليها مِن قِبَلِ اللهِ؛ ونَظيرُ ذلك:

ما وردَ في حديث النَّوْءِ «مُطرنا بنوء كذا»، أي: بسبب الكوكب، وليس منه؛ ففارقٌ بين نِسبة المطر إلى الكوكب على سبيل السببية، ونِسبة المطر إلى الكوكب على سبيل الخَلْق والإيجاد؛ فالأول شرك أصغرُ، والثاني شرك أكبرُ في باب الرُّبوبيّة؛ ولذلك سألوا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقالوا:

"اجعلْ لنا ذات أنواط"، فهُمْ ما ادَّعَوْا


(١) رواه البُخاريّ (٣٣٩١).
(٢) فارقٌ بين "المبارِك" و"المبارك": الأولى بكسر الراء، فهو الله تعالى، يجعل البركة فيمن شاء من مخلوقاته، أما بفتح الراء فهو الشيء تَحلّ فيه البَرَكة.
(٣) وهذا ما نحا إليه من المُعاصِرين أئمّة، منهم: ابن باز [شرح كتاب التوحيد]، ومحمد بن عبدالوهاب في [كشف الشبهات]، وعبدالرحمن بن حسن في شرحه لكتاب التوحيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>