للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن أقسم بالله - تعالى - أو بصفة من صفاته أو بفعل من أفعاله فقد انعقدت ييمينه، فإن حنث فعليه الكفارة، وهذا مما لا خلاف فيه بين علماء الأمصار، إلا ما ذكر عن الشافعى على أصله على من اشترط نية اليمين فى الحالف بالصفات. (١)

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم بالله وصفاته وأفعاله:

عَنْ أُمِّ العَلَاءِ - رضى الله عنه- قَالَتْ:

اشْتَكَى عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ -رضى الله عنه- فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

وَمَا يُدْرِيكِ، أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ اليَقِينُ، إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي - وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ - مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ. (٢)

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر - رضى الله عنهما- قَالَ:

كَثِيرًا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْلِفُ: لَا وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ. (٣)

وعن أبي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

«إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ». (٤)

وعن أَبُى هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

«يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا». (٥)

وعن عبد الله بن مسعود - رضى الله عنه- قال:

من حلف بالقرآن فعليه بكل آية يمين، ومن


(١) وانظر المحلى (٨/ ٤٣) وإكمال المعلم بفوائد مسلم (٥/ ٤٠١)
قال ابن رشد:
وأما من منع الحلف بصفات الله وبأفعاله فضعيف، وسبب اختلافهم هو هل يقتصر بالحديث على ما جاء من تعليق الحكم فيه بالاسم فقط; أو يُعدَّى إلى الصفات والأفعال، لكن تعليق الحكم في الحديث بالاسم فقط جمود كثير، وهو أشبه بمذهب= =أهل الظاهر وإن كان مرويا في المذهب، حكاه اللخمي عن محمد بن المواز. وشذت فرقة فمنعت اليمين بالله عز وجل، والحديث نص في مخالفة هذا المذهب. بداية المجتهد (١/ ٧١٩)
(٢) أخرجه البخاري (٣٩٢٩)
(٣) أخرجه البخاري (٦٦١٧)
(٤) أخرجه البخاري (٣١٢٠) ومسلم (٢٩١٨)
(٥) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>