للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدُ، أَمَّا وَدٌّ فَكَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ فَكَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَإٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ، لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا، أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ:

أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ. (١)

فمن هنا جاءت بداية عبادة القبور ونشأة القبورية، حيث أن الشيطان قد استدرج الناس بحيله ومَكره إلى الشرك بعبادة القبور، وذلك حين قال لهم:

هل لكم أن أصورهم لكم إذا نظرتم إليهم - ذكرتموهم فيذهب حزنكم وتنشطون في العبادة، فقلوا: نعم، فصورهم لهم.

ثم لما تقدَّم الزمن وانقرض الآباء والأبناء وأبناء الأبناء ونُسِي العلمُ، جاء الشيطان في صورة الإنسان وقال لمن بعدهم:

إن من كان قبلكم من سلفكم كانوا يعبدونهم؛ فعبدوهم، ثم صارت سنة في العرب في الجاهلية.

وبذلك فقد صار قوم نوح -عليه السلام- أول فرقة مشركة قبورية وثنية - ظهرت على وجه الأرض في تاريخ البشرية.

وكما نص الحافظ ابن كثير أن أصل عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها.

* فعبادة القبور هي أصل شرك العالم، وأن المشركين القبوريين قد ظهروا في عهد نوح -عليه السلام - بسبب عبادة هؤلاء الأولياء الخمسة، وعكوف القبورية في ذلك العهد على قبورهم، وبذلك وجدت القبورية على الأرض، ثم تطورت القبورية حتى انتشرت في العرب وغيرهم. (٢)

وقد أورد ابن حجرعن السهيلي أن يغوث هو ابن شيث بن آدم فيما نقل،


(١) رواه البخاري (٤٩٢٠) في كتاب التفسير، بَابُ {وَدًّا وَلَا سُواعًا، وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ} [نوح: ٢٣]
(٢) جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (١/ ٤٠٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>