للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهم قائلاً: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى...} [الزمر: ٣]، وقال تعالى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} [غافر: ١٢]

فهُم ما أشركوا إلّا لمّا دُعوا إلى تحقيق نفي الألوهية عمَّن سوى الله تعالى {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا...} [الأعراف: ٧٠]، فهم ما أنكروا على رسلهم أصلَ قضية الدعوة إلى الله، بل كان إنكارهم لتحقيق نفْي الألوهية عمَّن سوى الله تعالى.

* وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «وَيْلَكُمْ، قَدْ قَدْ»، فَيَقُولُونَ: إِلَّا شَرِيكاً هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ، وَمَا مَلَكَ. (١)

** عَودٌ إلى حديث الباب...

قوله صلى الله عليه وسلم: «وأنّ محمداً عبدُه ورسولُه»:

وهذه مَنزلة التوسُّط بين الإفراط والتفريط في حق النبي -صلى الله عليه وسلم-،

وهذا الذي نصَّ عليه كتابُ الله -تعالى-: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ...} [الكهف: ١١٠]، فوصْفه -صلى الله عليه وسلم- بمقام العبودية والبشرية فيه ردٌّ على الغلاة الذين بالغوا في شأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى قالوا في حقه ما لا يقال إلا في حق الله تعالى، وحتّى جَوَّزُوا الاستغاثة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وقاموا يسألونه عند المُلِمّات لكَشف الكُرُبات!

* وكم كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على إغلاق باب الغلو فيه -صلى الله عليه وسلم-، وسدّ كل الذرائع المُفْضِية إلى ذلك!

* عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «أَجَعَلْتَنِي لِلهِ نِدّاً؟! بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ». (٢)


(١) أخرجه مسلم (١١٨٥).
(٢) أخرجه أحمد (١٨٣٩). انظر السلسلة الصحيحة (١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>