للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤) وعن عائشة -رضى الله عنها- قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأُذِّنَ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» (١)

وفي حديث سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رضى الله عنه:

كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَاهُمْ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ قَالَ لِبِلَالٍ: "يَا بِلَالُ إِذَا حَضَرَ الْعَصْرُ وَلَمْ آتِ فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ". (٢)

وهذا ما استنبطه الفاروق عمربن الخطاب -رضى الله عنه- يوم السقيفة، كما روى عَبْدِ اللهِ بن عمر -رضى الله عنه-، قَالَ:

لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتِ الْأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. فَأَتَاهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ؟!! (٣) فاستدل بالإمامة الصغري على أحقية الصدِّيق- رضى الله عنه - بالإمامة الكبرى. قال الشافعى: وهذا وغيره صريح في إنابة النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر في الصلاة وهي الإمامة الصغرى والإختيار لها اختيار للكبرى. (٤)

*وقد سئل أحمد عن حديث النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "مروا أبا بكرٍ فليصلِ بالناس"، أليس هو خلاف قوله صلى اللَّه عليه وسلم " يؤم القوم أقرؤهم "؟

فقال: " إنما أراد الخلافة ". (٥)

٥) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضى الله عنهما- قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ، غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ» (٦)

أما سد الخَوْخ فالمراد بها طاقات كانت في المسجد يستقربون الدخول منها،


(١) متفق عليه. وقد بوَّب ابن حبان لهذا الحديث فقال: ذكر خبر فيه كالدليل على أن الخليفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان أبوبكر الصديق رضي الله عنه
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٨١٦) والنسائي (٧٨٤) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين..
(٣) أخرجه أحمد (١٣٣) وحسنه الأرنؤوط.
(٤) مسند الشافعى (٣٣٩)
(٥) وانظر " السنة " للخلال (١/ ٧١) والإمامة العظمى (ص/١٢٩)
وهذا الترجيح في الجمع بين الحديثين هو المقدَّم على قول من قال أن تقديم أبي بكر -رضى الله عنه- إنما كان لكون الأقرأ؛ فإن هذا مخالف لصريح قوله صلى الله عليه وسلم: " أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.. " وانظر الصواعق المحرقة (ص/٦١)
(٦) متفق عليه. (خوخة) هو موضع المرور، كالباب

<<  <  ج: ص:  >  >>