للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معتقداً أن النوء إذا ما ظهر أو تحرك تسبَّب ذلك في نزول المطر، فهنا يكون قد نسب نزول المطر إلى سبب لم يجعله الله سبباً، لا شرعاً ولا قدراً.

وقاعدة الباب هنا:

" كل من اعتقد في سبب لم يقدَّره الله -تعالى- سبباً، لا شرعاً ولا قدراً فقد وقع في الشرك الأصغر"؛ وعلة ذلك أنه شارك الله - تعالى - من الحكم لهذا الشيء بالسببية مع أن الله -تعالى - لم يجعله سبباً.

فمن المعلوم بالقطع شرعاً وقدراً أن حركة النوء ظهوراً أو اختفاءً لا علاقة لها بنزول المطر، فلا نصوص الشرع قالت بهذا، ولا كلام علماء الأرصاد والمناخ نص على ذلك.

٣) نسبة المطر إلى النوء على سبيل الموافقة الزمنية:

وتوصيف هذه الحالة أن القائل بها لا يعتقد علاقة الاستقلالية ولا السببية بين المطر والنوء، وإنما هى علاقة الظرفية، حيث يرى القائل بها حدوث الموافقة الزمنية بين ظهور النجم الفلانى و نزول المطر، وهذا قاله بناءً على جريان العادة، وما توافق عند القائل وتواتر من تكرر نزول المطر في أوقات بعينها يصعد فيها نجم أو يسقط.

وعليه صارت الباء في قوله " مُطرنا بنوء كذا " هي باء الظرفية، كما ورد في قوله تعالى (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٣٨))

وأما حكم هذه الحالة فمحل خلاف بين العلماء بين المجوِّز لها والمانع.

قال الشافعي:

أما من قال: مُطرنا بنوء كذا على معنى مُطرنا بوقت كذا، فإنما ذلك كقوله مُطرنا في شهر كذا، ولا يكون هذا كفراً، وغيره من الكلام أحب إليَّ منه، أحب أن يقول مُطرنا في وقت كذا. (١)

وحجة الشافعى فى ذلك ما ذكره البيهقى بقوله:

قال الشافعي:

وقد روي عن عمر- رضي الله عنه- أنه قال وهو على المنبر:

" كم بقي من نوء الثريا؟


(١) الأم (٢/ ٢٢٢) وهذا ما رجحه أيضاً ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١٢٢)،
فقد قال رحمه الله:
أما من جعل المطر من فعل الله -تعالى- وأراد بقوله: «مطرنا بنوء كذا» أي في وقت كذا، وهو هذا النوء الفلاني، فإن ذلك جائز: أي إن الله قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>