للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ...» (١)،

هو مَلِكُ الناس حقّاً، وكلهم عبيده ومماليكه، فالمُلك مُلكه، والخَلق عبيده، وهو ربُّهم، ونَواصِيهِمْ بيده، يُصرِّفُ أمور عباده كما يحبّ، ويقلّبهم كما يشاء، {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣]، فالله -تعالى- لا يُسأل عما يفعل؛ لِكمال مِلكيته وحكمته وعدله.

إنّ الخلْق لا يَرْضَى الواحد منهم أن يراجعه أحدٌ إذا تصرف فيما يَملكه؛ فكيف بمالِكِ المُلك؟!

٢) الأصل الثانى: كمال العدل:

قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس: ٤٤]، وقال -تعالى-: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف: ٤٩]،

وقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّهُ قَالَ:

«يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً، فَلَا تَظَالَمُوا...» (٢)،

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الخَلَائِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ البَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الحَافِظُونَ؟

فَيَقُول: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ اليَوْمَ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ البِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ، فَقَالَ:

إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ "، قَالَ:

«فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ وَالبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتِ البِطَاقَةُ، فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ» (٣).

**فالله -تعالى- الذي وَسِعَتْ قدرتُه كل شيء قد حرَّم الظلم على نفسه؛ وذلك لكمال عدله

-عز وجل-، فما مِن جزاءٍ قضاه الله -تعالى- على عبد من عباده في الحال أو المَآل إلا


(١) أخرجه أحمد (٤٣١٨) وانظر السلسلة الصحيحة (١٩٩).
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٧٧).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٦٣٩) وقال «هذا حديث حسن غريب». وانظر صحيح الجامع (١٧٧٦) والسلسلة الصحيحة (١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>