للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - في استسقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- المطر على المنبر، قال رضي الله عنه:

" ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ ". (١)

وقد ترجم له البخاري، باب: من تَمَطَّرَ في المطر حتى يتحادر على لحيته.

قال ابن حجر:

كأن المصنف أراد أن يبين أن تحادُرَ المطر على لحيته - صلى الله عليه وسلم- لم يكن اتفاقاً، وإنما كان قصداً، فلذلك ترجم بقوله:

" من تمطَّر "، أي: قصد نزول المطر عليه؛ لأنه لو لم يكن باختياره لنزل عن المنبر أول ما وكف السقف، لكنه تمادى في خطبته حتى كثر نزوله بحيث تحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم. (٢)

*وعن ابن أبي مليكة قال:

كان ابن عباس -رضى الله عنهما- إذا مطَّرت السماء يقول: يَا جَارِيَةُ! أَخْرِجِي سَرْجِي، أَخْرِجِي ثِيَابِي، وَيَقُولُ:

{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا}. (٣)

٢) القسم الثاني:

حال من ينسب المطر إلى النوء، فيقول مُطرنا بنوء كذا وكذا....

فما حكم هذا القائل بنسبة المطر إلى النوء؟

نقول أولًا:

كان من عادة أهل الجاهلية أنهم ينسبون كثيراً من الأحداث التى تقع في الأرض بحركة النجوم والكواكب، ومما يدل على ذلك:

ما رواه ابْنَ عَبَّاسٍ -رضى الله عنهما-قَالَ:

أنه قد رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأصحابه:

«مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا؟»

قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«فَإِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ، إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا» ثُمَّ قَالَ:

" الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ: مَاذَا


(١) رواه البخاري (١٠٣٣)
(٢) فتح الباري (٢/ ٥٢٠)
(٣) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (١٢٢٨)، وصححه الألبانى في صحيح الأدب المفرد (ص/٢٩٨)
والسرج ما يوضع على ظهر الفرس.

<<  <  ج: ص:  >  >>