للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنه يُسْتَجَاب الدُّعَاء عِنْد الْمَطَر ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَهُوَ الَّذِي ينزل الْغَيْث من بعد مَا قَنطُوا} (١)

وقد نصَّ على استحباب الدعاء عند المطر غير واحد من الأئمة، ومنهم:

شيخ الإسلام ابن تيمية والشافعي والقرطبي. (٢)

وأما الأحاديث الواردة في استحباب الدعاء عند نزول المطر فلا تخلوا أسانيدها من المقال.

* ومن السنن الفعلية عند نزول المطر"التعرض لماء المطر ":

لا شك أن ماء المطر ماء مبارك، قال تعالى (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (ق/٩)

وبركة المطر ظاهرة بيِّنة في آثاره على البلاد والعباد، قال تعالى بعد ذكره لنزول المطر (فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) (الروم/٥٠)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضى الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ:

" مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ بَرَكَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ، يُنْزِلُ

اللهُ الْغَيْثَ فَيَقُولُونَ: الْكَوْكَبُ كَذَا وَكَذَا ". (٣)

لذا كان من هدى النبي -صلى الله عليه وسلم- التعرُّض لماء المطر:

قَالَ أَنَسٌ رضى الله عنه:

أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا:

يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى». (٤)

*والمعنى:

أنه صلى الله عليه وسلم قد حسر- أي كشف بعض بدنه - لماء المطر؛ لأنه (حديث عهد بربه): أي بتكوين ربه إيَّاه، ومعناه أن ماء المطر قريب العهد بخلق الله - تعالى - لها؛ فيتبرك به.

قال النووي:

هذا الحديث دليل لقول أصحابنا أنه يستحب عند أول المطر أن يكشف غير عورته ليناله المطر. (٥)


(١) الدر المنثور (٧/ ٣٥٤)
(٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ١٢٩) والجامع لأحكام القرآن (٣/ ١٨٤) شعب الإيمان (٢/ ٣٧٥)
(٣) أخرجه مسلم (٧٢)
(٤) أخرجه مسلم (٨٩٨)
(٥) شرح مسلم للنووي (٦/ ١٩٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>