للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا قول أبي هريرة -رضى الله عنه- راوي الحديث، حيث قال بعد روايته لحديث نزول المسيح عليه السلام: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}

وقال به ابن عباس، ولا مخالف لهما من الصحابة رضى الله عنهم.

قال ابن حجر: وبهذا جزم ابن عباس -رضى الله عنهما- فيما رواه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عنه بإسناد صحيح. (١)

قال الحسن في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}

قال: قبل موت عيسى، والله إنه الآن لحيٌّ عند الله تعالى، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون. (٢)

وقال به قتادة وابن زيد واختاره الطبري وشيخ الإسلام ابن تيمية وأبو حيَّان وابن كثير والشوكاني والقاسمي والشنقيطي. (٣)

قال ابن كثير:

ولا شك أن الذي قاله ابن جرير هو الصحيح؛ لأنه المقصود من سياق الآي، في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى -عليه السلام- وصلبه، وتسليم من سلَّم لهم من النصارى الجهلة ذلك. (٤)

* القول الثاني:

أن الضمير في قوله تعالى: {قَبْلَ مَوْتِهِ} يعود على على الكتابىِّ، والمعنى:

وما من كتابيِّ إلا ليؤمننَّ بعيسى -عليه السلام-قبل موت الكتابيِّ، وذلك عند المعاينة والاحتضار، فيؤمن بما أنزل الله -تعالى -من الحق، وبالمسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، وهذه منّة مَنّ الله -تعالى -بها على عيسى عليه السلام، إذ جعل أعداءه لا يخرجون من الدنيا إلاّ وقد آمنوا به جزاء له على ما لقي من تكذيبهم، لأنّه لم يتمتّع


(١) نص عليه ابن حجر في الفتح (٦/ ٦٨٦) والرواية فى ذلك عن ابن عباس -رضى الله عنهما- مستفيضة من عدة طرق.
(٢) جامع البيان في تأويل القرآن (٩/ ٣٨٠) وسنده صحيح. وانظرالصحيح المسند من الملاحم والفتن (ص/٥١٥)
(٣) وانظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٢/ ٢٨٣) وفتح القدير (١/ ٧١٣)
(٤) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٤٠٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>