للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمشاهدة أمّةٍ تتبعه. وهذا قول مجاهد، والضحاك، وابن سيرين، وجويبر، وذهب إلى ذلك ابن عاشور و ابن عطية والرازي والألوسي.

وقد استدل أصحاب القول الثانى بما ورد في قراءة أبَي بن كعب (إلا ليؤمننَّ به قبل موتهم). (١)

* والراجح -والله أعلم- هو القول الأول؛ سيِّما أن ما ورد في قراءة أبَي بن كعب

(إلا ليؤمننَّ به قبل موتهم) فهذه ليست قراءة سبعية، بل هى قراءة شاذة. (٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

عند أكثر العلماء معناه " قبل موت المسيح "، وقد قيل: قبل موت اليهودي، وهو ضعيف. (٣)

ثم بيِّن أوجه الضغف فى ذلك، فكان مما قال:

فقوله {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} هذا يعم اليهود والنصارى،

فدل ذلك على أن جميع أهل الكتاب اليهود والنصارى يؤمنون بالمسيح قبل موت المسيح، وذلك إذا نزل آمنت اليهود والنصارى بأنه رسول الله ليس كاذباً، كما يقول اليهود، ولا هو الله، كما تقوله النصارى.

والمحافظة على هذا العموم أولى من أن يدَّعي أن كل كتابيّ ليؤمنن به قبل أن يموت الكتابي، فإن هذا يستلزم إيمان كل يهودي ونصراني، وهذا خلاف الواقع. (٤)

وقال صاحب الأضواء:

وكون الضمير راجعاً إلى عيسى -عليه السلام - فهذا مما يجب المصير إليه، دون القول الآخر; لأنه أرجح منه من أربعة أوجه:

الوجه الأول:

أنه هو ظاهر القرآن المتبادر منه، وعليه تنسجم الضمائر بعضها مع بعض.

والقول الآخر بخلاف ذلك.


(١) وانظر قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور (ص/٦٣٥)
(٢) وهذه القراءة (إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِمْ،) قد ذكرها ابن حيان في البحر المحيط (٤/ ١٣٠) ونسبها لأبى بن كعب، وهي قراءة شاذة من المرتبة الثالثة، والتى تُنقل على سبيل القراءات التفسيرية، كما ورد في قراءة ابن عباس و ابْنِ مَسْعُودٍ: «وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا». ذكره الدكتور محمد سكر حفظه الله.
(٣) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٢/ ٢٨٥)
(٤) دقائق التفسير (٢/ ٩٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>