وإيضاح هذا أن الله - تعالى - قال:(وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله..) ثم قال - تعالى -) وما قتلوه) أي عيسى، (وما صلبوه) أي عيسى، (ولكن شُبِّه لهم..) أي عيسى، (وإنْ الذين اختلفوا فيه..) أي عيسى، (لفي شك منه..) أي عيسى، (ما لهم به من علم..) أي عيسى، (وما قتلوه يقيناً...) أي عيسى، (بل رفعه الله..) أي عيسى، (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمننَّ به...)، أي عيسى، (قبل موته..) أي عيسى، (ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً)، أي يكون هو - أي عيسى - عليهم شهيداً.
الوجه الثاني:
أنه على القول الراجح فإن مفسر الضمير ملفوظ مصرح به في قوله تعالى:(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ).
وأما على القول الآخر فمفسر الضمير ليس مذكورا في الآية أصلاً، بل هو مقدر، تقديره: ما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به قبل موته، أي موت أحد أهل الكتاب المقدر.
ومما لا شك فيه أن ما لا يحتاج إلى تقدير أرجح وأولى مما يحتاج إلى تقدير.
الوجه الثالث:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تواترت عنه الأحاديث بأن عيسى -عليه السلام -حي الآن، وأنه سينزل في آخر الزمان حكماً مقسطاً. ولا ينكر تواتر السنة بذلك إلا مكابر، وممن نص على تواتر أحاديث نزول عيسى -عليه السلام- ابن كثير في تفسير قوله تعالى (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ)(الزخرف/٦١)
وأما القول بأن الضمير في قوله: قبل موته راجع إلى الكتاب فهو خلاف ظاهر القرآن، ولم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة.
الوجه الرابع:
هو أن القول الأول الصحيح واضح لا إشكال فيه، ولا يحتاج إلى تأويل ولا تخصيص، بخلاف القول الآخر، فهو مشكل لا يكاد يصدْق إلا مع تخصيص، كمن فاجأه الموت من أهل الكتاب، كالذي يسقط من عالٍ إلى أسفل، والذي يقطع رأسه بالسيف وهو غافل، والذي يموت في نومه ونحو ذلك، فلا يصدق