إنما ينكر ذلك الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم عن القبول والإذعان لآيات الله -عزوجل -الشرعية والكونية.
فتراهم في ريبهم يترددون، وفي صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - يرتابون.
فقد زلَّت أقدامهم عن درَج التسليم للشرع، حتى ساغت بهم في الدرْك الأسفل من التعطيل والتحريف وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
فحسب المسلم أن يؤمن بما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويعتقد أنه هو الحق، ولا يتكلف ما لا علم له به من تعيين الموضع الذي تسجد فيه الشمس، بل يكل علم ذلك إلى الله تعالى.
* ثم يقال هنا وجوه:
الوجه الأول:
أن يقال: قد نص النبي - صلى الله عليه وسلم- على أن الشمس تسجد لربها نصاً لا يحتمل التأويل، وهذا النص يدل على أنها تسجد سجوداً حقيقياً لا مجازياً، ومن زعم أن سجودها كناية عن تمام انقيادها لأمر الله -تعالى-واستجابتها له؛ فقد صرف النص عن ظاهره، ولا شك أن هذا من تحريف الكلم عن مواضعه.
الوجه الثاني:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نص على أن الشمس تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، وهذا النص يدل على أنها إنما تسجد في موضع مخصوص، وهو مستقرها تحت العرش، ولو كان سجود الشمس كناية عن تمام انقيادها لأمر الله -تعالى- واستجابتها له؛ لكانت ساجدة على الدوام، ولا يخفى ما في هذا القول من المخالفة لنص الحديث، وما خالف النص فهو قول باطل مردود، وكفى بالنص حجة على كل مبطل.
الوجه الثالث:
يلزم من هذا القول إلغاء فائدة النص على سجود الشمس إذا انتهت إلى مستقرها تحت العرش، وما لزم عليه إلغاء النص؛ فهو قول سوء يجب اطراحه. (١)
(١) وانظر لهذه الأوجه " إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة " (٣/ ٢٠٢)