للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطلب، وهذا من حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم حيث رد بكلام لا كراهة فيه ولا غضاضة.

والمعاريض من الأمور التي جوَّزها الشرع، ودليل ذلك:

ما صح من أقوال الصحابة -رضى الله عنهم-قالوا: «إن المعاريض لمندوحة عن الكذب» (١)

*والمعنى: المعاريض من التعريض: ضد التصريح، وهو التورية بالشيء عن الشيء، وهو إفهام المعني بالشيء المحتمل له ولغيره، وهو من عرض الشيء وهو جانبه، كأنه يحوم به على الشيء ولا يظهره.

ومعنى: مندوحة: متسع، يقال: منه: انتدح فلان بكذا ينتدح به انتداحًا؛ إذا اتسع به. (٢)

*أمثلة من المعاريض التي ورد بها الشرع:

١ - قال تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ) (البقرة: ٢٣٥).

وذلك بأن يقول لمن يريد الزواج منها: إنكِ لنافقه، وإن حاجتي في النساء أو إن الله لسائق إليكِ خيراً.

٢ - عن عائشة -رضى الله عنها-قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف) (٣)

قال الخطابي: إنما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم - بذلك؛ ليوهم القوم أن به رعافاً وذلك من باب


(١) قد روي هذا الأثرمرفوعاً من عدة طرق كلها ضعيفة، فقد رواه مرفوعاً ابن الجوزي في
منهاج القاصدين (١/ ١٨٧) والبيهقي في السنن الكبري (٢٠٨٨١) وابن الأعرابي في معجمه (١/ ٩٧) قال البيهقي: قد تفرد برفعه داود بن الزبرقان. وقد تركوا الرواية عنه.
فالحاصل أن الحديث لا يصح مرفوعاً، بل قد صح موقوفاً، فقد رواه البيهقي موقوفاً على عمر بن الخطاب وعمران بن حصين، وصححه وقفه.
قال الحافظ: أثر عمران رجاله ثقات. وقد صححه الألباني موقوفاً على عمران في صحيح الأدب المفرد (ص/٣١٩)، وانظر السنن الكبرى للبيهقي (٢٠٨٨٠) والسلسلة الضعيفة (١٠٩٩)
(٢) انظرالجامع لأحكام القرآن (٣/ ١٨٨) و الفائق في غريب الحديث (٢/ ٤١٩) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (باب/١١٦)
(٣) أخرجه أبوداود (١١١٤) وصححه الحاكم والذهبي. وانظرالسلسلة الصحيحة (٢٩٧٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>