للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمال وهي لا توصف بثقل ولا خفة؟

*فالجواب:

أن مثل هذا قد يقبل في موازين البشر، أما إذا كان الأمر في حق الله - تعالى- فليس للعقل أن يحكم بالاستحالة على ما يقع في مقدور الله تعالى.

فإذا جاء النص بثبوت وزن الأعراض فلا يسعنا إلا الإذعان والإقرار.

فليس بالممتنع على قدرة الله -تعالى- أن ينشئ من الأعراض أجساماً، ولهذا نظائر كثيرة، ونذكر منها ما يلي:

١ - ما ورد في حديث مجئ الموت في صورة كبش يوم القيامة:

عن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ:

هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ ". (١)

٢ - عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

" " يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لِصَاحِبِهِ: أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَأَظْمَأْتُ هَوَاجِرَكَ ". (٢)

٣ - وفي حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ-رضى الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، ... ، وفيه أن المؤمن يمثل له عمله الصالح في صورة حسية، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، وَمَالِي "

وكذلك قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حق الكافر:

" يَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ،


(١) متفق عليه.
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٩٧٦) وابن ماجه (٣٧٨١) قال في الزوائد (إسناده صحيح، رجاله ثقات)، وقال الأرنؤوط:
" إسناده حسن في المتابعات والشواهد "

<<  <  ج: ص:  >  >>