للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتستهويه الغفلة، فربما كانت مشاهدة الغير سبباً في زوال الغفلة واندفاع العوائق، فإن الإنسان إذا كان في منزله تمكَّن من على فراش وثير، وتمتع بزوجته، فإذا بات في مكان غريب اندفعت هذه الشواغل، وحصلت له أسباب تبعث على الخير، منها مشاهدة العابدين، وهي موجبة لتحرك داعية الدين، وربما صعب عليه النوم لتغيير مكانه، فاغتنم زوال النوم، وقد يعسر عليه الصوم في منزله لكثرة المطاعم الشهية في منزله، فإذا لم يجدها في غيره لم يشق عليه الصوم، وفي مثل هذه الأحوال ينتدب الشيطان للصد عن الطاعة. (١)

٢ - ترك العمل لأجل الناس رياء:

وأما ترك بعض الأعمال الصالحة من باب مخافة الرياء فهو من تلبيس الشيطان، وهو حِبالة من حِبالات إبليس، وقد عدَّه أهل العلم من الرياء.

قال محمد بن عبد ربه،: سمعت الفضيل بن عياض يقول:

ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما " (٢)

والوجهة في ذلك أن من عزم على عبادة الله - تعالى - ثم تركها مخافة أن يطَّلع الناس عليه فهو مراءٍ؛ حاله في ذلك كحال من فعل الطاعة رياءٍ؛ والجامع بين الأمرين هو جعل نظر الناس مؤثراً إقداماً وإحجاماً، ولأنه لو كان عمله لله - تعالى- لم يضره إطلاع الناس عليه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

ومن كان له ورد مشروع من صلاة الضحى أو قيام ليل أو غير ذلك فإنه يصلِّيه حيث كان، ولا ينبغي له أن يدع ورده المشروع لأجل كونه بين الناس، إذا علم الله -تعالى- من قلبه أنه يفعله سرًا لله مع اجتهاده في سلامته من الرياء ومفسدات الإخلاص؛ ولهذا قال الفضيل بن عياض:

ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك. (٣)


(١) منهاج القاصدين (ص/٨٦٢)
(٢) شعب الإيمان (٩/ ١٨٤)
(٣) مجموع الفتاوى (٢٣/ ١٧٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>