للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم:

لإبليس في ذم الرياء حبالة، وذلك أنه رب ممتنع من فعل خير مخافة أن يظن به الرياء، فإذا أطرقك منه هذا فامض على فعلك، فهو شديد الألم عليه. (١)

قال النووي:

من عزم على عبادة، وتركها مخافة أن يراه الناس فهو مراءٍ؛ لأنَّه ترك العمل لأجل الناس. (٢)

*ولقد سار الناس في هذا الدرب بين مسلكين:

أ) بين مُسرفٍ قد علَّق قلبه بمدح الناس أو ذمهم، فلم يكن له في الآخرة من عمله نصيب.

ب) وبين تاركٍ للعبادة خشية الرياء والسمعة.

وقد تمادى أصحاب المسلك الثاني حتى قصدوا ذمّ الناس ولومهم، ففعلوا ما يلامون عليه، وسموا بـ (الملامية)، أرادوا بذلك مقابلة أهل الرياء والسمعة.

والحق وسط بين الأمرين:

بين الإخلاص في الطاعة، والحث على الإكثار من العمل الصالح، فالإخلاص هو حقيقة الدين ومفتاح دعوة الرسل قال تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.

٣ - ليس كل إظهارٍ للعمل رياءً:

إذا كان الشرع قد حث على إخفاء الأعمال الصالحة؛ وذلك لغلق الباب على النفس من دواعي الرياء والسمعة، وتحقيقاً لإخلاص القلب، ولكن قد تكون المصلحة فى إظهار العمل راجحة على مصلحة الإخفاء، كأن يكون في الإظهار مصلحة الإقتداء أو التعليم، أو الحث على المسارعة في الخيرات.

* ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم لما صلَّى على المنبر أمام الناس:

" فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ،


(١) الأخلاق والسير في مداواة النفوس (ص/٨٠) والحِبَالَةُ: المصيدة، أداة مصنوعة من حبال يُؤخذ بها الصَّيد.
(٢) شرح الأربعين (ص/٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>