للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا، وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي». (١)

* وفي حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضى الله عنه- لما دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- الناس إلى الصدقة جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يتصدقُ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى تجمع كَوْمَانِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ". (٢)

* وعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضى الله عنهما- عَلَى جَنَازَةٍ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وجهر حتى أسمعنا، فَقَالَ: «ليعلموا أِنَّهَا مِنَ السُّنَّةِ». (٣)

قال ابن قدامة:

في إسرار الأعمال فائدة للإخلاص والنجاة من الرياء، وفي الإظهار فائدة الاقتداء، وترغيب الناس في الخير، والمظهر للعمل ينبغي أن يراقب قلبه، حتى لا يكون فيه حب الرياء الخفي، بل ينوي الاقتداء به، ولا ينبغي للضعيف أن يخدع نفسه بذلك.

فإن مثال الضعيف مثل الغريق الذي يحسن سباحة ضعيفة، فنظر إلى جماعة من الغرقى فرحمهم، وأقبل عليهم حتى تشبثوا به، فهلكوا وهلك معهم.

فأما من قوى وتم إخلاصه، وصغر الناس في عينه، واستوى عنده مدحهم وذمهم، فلا بأس بالإظهار له؛ لأن الترغيب في الخير خير. (٤)

قال ابن حجر:

قد يستحب إظهاره -يعني العمل- ممن يقتدى به على إرادته الاقتداء به، ويقدر ذلك بقدر الحاجة، قال ابن عبد السلام: يستثنى من استحباب إخفاء العمل من يظهره ليقتدى به أو لينتفع به، ككتابة العلم،


(١) متفق عليه.
(٢) أخرجه مسلم (١٠١٧)
(٣) أخرجه البخاري (١٣٣٥) وأبو داود (٣١٩٨)
(٤) مختصر المنهاج (ص/٢٦٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>