للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَقَتَلْتَهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ، قَالَ: «أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟!

فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ. (١)

قال النووي معقباً على حديث أُسَامَةَ رضى الله عنه:

فيه دليل على القاعدة المعروفة في الفقه والأصول " أن الأحكام فيها بالظاهر، والله يتولى السرائر "، وقوله صلى الله عليه وسلم: " أفلا شققتَ عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟! " المعنى:

أنك إنما كُلفت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه. (٢)

فلا يقال بتكفير مسلم بزعم سوء نيته وخبث طويته، بل يقبل منه ما ادَّعى، ونولِّه ما تولى، والله يتولى حسابه في الآخرة.

* وتأملوا في الفرق بين إنكارالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أسامة -رضى الله عنه- فيما فعل، وإقراره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر بن الخطاب - رضى الله عنه - لما قال عن حاطب:

" دعني أضرب عنق هذا المنافق " (٣).

فتبين بذلك أن من نطق الشهادتين فهو على إسلامه عملاً بظواهر الأحوال، ما لم يُظهر خلاف ذلك، فإن قالها ثم أظهر ما يناقضها بقول أو فعل لم تنفعه، كما في حديث حاطب رضى الله عنه، وإنما جاء الاستثناء في شأن حاطب - رضى الله عنه - لأمرين:

١) أنه ما فعل ذلك نِفَاقًا وَلَا ارْتِدَادًا، بل كان متأولًا صادق النية؛ ولذلك فقد عفا الله -تعالى- عنه.

٢) كونه بدرياً.

* وعن ابْنُ عَبَّاسٍ-رضى الله عنهما- أن رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قال: " مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ". (٤)


(١) متفق عليه.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (٢/ ١٠٤)
(٣) أخرجه البخاري (٣٠٠٧) بَابُ الجَاسُوسِ، ومسلم (٢٤٩٤) باب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم، وقصة حاطب بن أبي بلتعة.
(٤) أخرجه البخاري (٣٠١٧) وأحمد (١٨٧١)

<<  <  ج: ص:  >  >>