للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال أولاً:

أن الله - تعالى - ليس كمثله شيء من خلقه، ولا يقاس بشيء من بريته، ولا يدرك بقياس،، وقد اتفق المسلمون وكل ذي لب أن الذى ليس في مكان فهو عدم.

وقد صح في العقول، وثبت بالدلائل أنه كان في الأزل لا في مكان، وليس بمعدوم، فكيف يقاس على شيء من خلقه، أو يجري بينه وبينهم تمثيل أو تشبيه، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علواً كبيراً. (١)

*ثانياً:

قولهم هذا إنما ينبنى على عقول لم تعرف من الإثبات إلا تحقق المشابهة، ففرت من ذلك إلى التحريف والتعطيل، فما قدروا الله -تعالى - حق قدره.

فلا يتصور زعمهم باقتضاء العلو للتحيز والحد إلا في حق المخلوق، وأما الله -عزوجل - فلا سمَّى له، و لا نظير له.

وأى تحيز أو حد يتصور في إثبات علو الله عزوجل؟!!!

* تأملوا في عظم مخلوقات الله تعالى، فكيف بخالقها؟!!

قال ابن مسعود رضى الله عنه:

"رَأَى رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ» (٢)

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ " (٣)

* وهل من عاقل يخطر بفكره أن قول الجارية أن الله -تعالى - في السماء يلزم منه أن السماء تظله أو تحويه؟؟!!!

قال تعالى {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}، " فما السماوات والأرض في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في الأرض الفلاة " (٤)، فإذا كان الكرسي قد وسع السماوات والأرض، فكيف بالعرش؟! ثم كيف بمن فوق العرش سبحانه وتعالى؟!!


(١) "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص ٩٧.
(٢) متفق عليه.
(٣) أخرجه أبوداود (٤٧٢٧)، وانظر صَحِيح الْجَامِع (٨٥٤)
(٤) ورد هذ عن مجاهد، أخرجه سعيد بن منصور في " تفسيره "وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (١٣/ ٤٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>