للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبيه "، لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح، ولم تقع في رواية مالك أصلًا. (١)

*وجواب ذلك ما قاله ابن الملقن:

وهذا عجيب، فالزيادة بـ " وأبيه " لا شك في صحتها ولا مرية. (٢)

قلت:

ومما يؤيد ذلك أنه قد ورد لهذه اللفظة نظائر في في موضعين من الصحيح:

ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضى الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقَالَ:

" أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ. (٣)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَجُلٌ:

يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ، نَعَمْ، وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ». (٤)

٢) الثانى:

أن ذلك كان قبل النهي عن الحلف يغبر الله تعالى، قاله الماوردي والطحاوى، وقال السبكي أكثر الشرَّاح عليه، ونص ابن عبد البر ابن قدامة على أن لفظة " وأبيه " إن صحت فهى منسوخة. (٥)

واستدلوا على ذلك بحديث قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ الْجُهَنِيَّةِ -رضى الله عنها- قَالتْ:

أَتَى حَبْرٌ مِنَ الْأَحْبَارِ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ، فَقَالَ:

" سُبْحَانَ اللهِ " قَالَ: إنَّكُمْ تَقُولُونَ إذَا حَلَفْتُمْ وَالْكَعْبَةِ قَالَ: فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: " إنَّهُ قَدْ قَالَ لِمَنْ حَلَفَ فَلْيَحْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ ". (٦)

فكان في هذا الحديث ذكر سبب النهي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف بغير الله تعالى، وكان في ذلك ما قد دل على أن المتأخر من المعنيين المختلفين اللذين


(١) التمهيد (٥/ ٥٥٧) وتيسير العزيز الحميد شرح كتاب التّوحيد (ص/٥١٢)
(٢) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٩/ ٢٥٥)
(٣) أخرجه مسلم (١٠٣٢)
(٤) أخرجه مسلم (٢٥٤٨)
(٥) مشكل الأثار (٢/ ٢٩٤) وفتح الباري (١١/ ٧٤٥) والمغنى (١١/ ١٦٣)
(٦) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>