للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير إذن الله تعالى، أو يعتقد أن الكواكب مدبرةً لأمر العالم، أو ينطق بكلمة الكفر كسب الله تعالى، أو الاستهزاء برسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه الأقسام بلا شك من السحر المخرج من الملة.

وكذلك إذا تضمن هذا السحر شركاً في توحيد العبادة، فمن ذلك أن يدعو غير الله - تعالى- فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، أو يستعيذ بالشياطين أو يذبح لهم، أو يتقرب إليهم بالنذور، وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر فهو كفر بلا نزاع.

ومن هذا النوع سحر هاروت وماروت، كما في قوله تعالى {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}، وقوله تعالى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}، وقوله تعالى {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: ١٠٢]

٢ - وإن كان السحر لا يقتضي الكفر كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها فهو معصية كبيرة، ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر؛ فإن هذا في الحقيقة ليس سحراً، وإن سمِّي سحراً فعلى سبيل المجاز، كتسمية القول البليغ والنميمة سحراً، ولكنه يكون حراماً لمضرته، ويعزَّر من يفعله تعزيراً بليغاً. (١)

وللإمام النووي عبارة جامعة في حكم السحر حيث قال:

قد يكون السحر كفراً، وقد لا يكون كفراً بل معصيته كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر، وإلا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام، فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر وإلا فلا، وإذا لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عُزِّر واستتيب. (٢)

* أما عن حكم قتل الساحر:

فقد ورد عن نفر من الصحابة - رضي الله عنهم - أنهم أمروا بقتل السحرة، ولم يعرف لهم مخالف في ذلك.


(١) وانظر أضواء البيان (٤/ ٥٠) وتيسير العزيز الحميد (ص/٣٨٤)
(٢) المنهاج للنووي (٧/ ٤٣٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>