للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواضعه، ففسَّروا الاستواء في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} بالاستيلاء.

وهذا القول يذهب إليه كثير من الجهمية والمعتزلة والحرورية، وكثير من متأخري الأشاعرة. (١)

قال أبو نعيم البلخي:

" كان رجل من أهل مرو صديقاً لجهم ثم قطعه وجفاه، فقيل له: لم جفوته؟ فقال: جاء منه ما لا يحتمل، قرأتُ يوماً {الرحمن على العرش استوى} [طه: ٥]

قال: " أما والله لو وجدتُ سبيلاً إلى حكها لحككتها من المصحف ". (٢)

* ومما استدل به هؤلاء على تحريفهم:

١ - ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما:

أنه قال في في قوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه: ٥] قال:

استولى على جميع بريته، فلا يخلو منه مكان.

٢ - أن تفسير الاستواء بالاستيلاء أمر مشهور في لغة العرب.

قال القاضي عبد الجبار:

والمراد بالاستواء هو الاستيلاء والاقتدار، كما يقال استوى الخليفة على العراق، وكما قال الشاعر:

" قد استوى بشر على العراق... من غير سيف ولا دم مهراق ". (٣)

* وتراهم يردُّون تفسير السلف للاستواء بدعوى أنه مستلزم للتجسيم، كما يقول


(١) وممن قد نص على ذلك:
بشر المريسي كما نقله عنه عثمان بن سعيد في " نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد " (ص/٣١٩)، واللقاني في "هداية المريد " (٢/ ٤٩٢) والجويني في "لمع الأدلة" (ص/١٠٨)
(٢) وانظر خلق أفعال العباد (ص/٢٠) والسنة لعبد الله بن أحمد (ص/٦٩)، وقال الألباني في "مختصر العلو" (ص/١٦٢) "سنده صحيح".
(٣) وهذا البيت مما قد استدل به القاضي عبد الجبار في "متشابه القرآن" (ص/٧٣) و" شرح الأصول الخمسة" (ص/٢٢٦) على تفسير الاستواء بالاستيلاء.
وهو بيت هو لشاعر نصراني يدعى الأخطل، قاله لبشر بن مروان بن الحكم، ثالث أبناء الخليفة مروان بن الحكم، وذلك حين ولاّه أخوه عبد الملك الكوفة والبصرة.
وانظر المختصر في أصل الدين (ص/٣٣٣) ضمن رسائل العدل والتوحيد، و" العرش وما رُوِي فيه " (ص/١٦٢)
ومنهج المتكلمين (٢/ ٥٣٧) وتنزيه القرآن عن المطاعن (ص/٢٢٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>