للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة: ٢٥٥]،

أي: لا تَغلِبه سِنة- وهو الوَسَن والنُّعاس- ولا نومٌ، ونفْيُهُ من باب أولى لأنه أقوى من السِّنة، بل هو قائمٌ على كل نفس بما كسبتْ، شهيد على كل شيء، ولا يَغيب عنه شيء، ولا تَخفى عليه خافيةٌ". (١)

* وقَوله صلى اللهُ عليه وسلَّم: «وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ...»:

فقوله: «لا ينبغي» هذه تقال عند الاستحالة والتبعيد، ونظير ذلك:

ما ورد في قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم: ٩٢]،

وقوله تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [الفرقان: ١٨].

* الفائدة الثانية:

قوله صلى الله عليه وسلم: «يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ»:

والمعنى: أنه سبحانه يخفض المِيزان ويرفعه. وسُمِّي الميزان قِسْطًا؛ لأن القسطَ العدلُ، وبالميزان يقع العدل.

والمراد أن الله - تعالى- يخفض الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة، وما يوزن من أرزاقهم النازلة.

وقيل: المراد بالقسطِ الرزقُ الذي هو قسط كل مخلوق، يخفضه فيُقتره، ويرفعه فيوسعه، والله أعلم. (٢)

* وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ...»:

قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠]،

وهذا ما ورد في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

«يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ،


(١) معارج القبول (١/ ١٥٧).
(٢) وانظر شرح السنة للبغوي (١/ ١٦٠)، والمنهاج للنووي (٢/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>