للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخلق السماوات والأرض بخمسينَ ألفَ سنةٍ، وهُنا في حديث الباب يقول آدمُ -عليه السلام-: «أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟» ... فكيف الردُّ على هذا الإشكال؟؟؟

ردَّ العلماء بعدة أجوبةٍ:

الأول:

أنّ هذه المُدّة -التي هي (أربعون سنة) - إنما كانت بَيْنَ أنْ خُلِقَ آدمُ -عَلَيْهِ السَّلامُ-من الطين وبين أن نُفِخَ الرُّوحُ فيه.

الثاني:

أنّ هذه المدة يُقصَدُ بها: ما كُتِبَ في التوراة مِن أنّ آدمَ سيُخْرَجُ من الجنة، كما وردَ في الرواية: «فَبِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ عَاماً».

فإنْ قِيلَ: ما معنى تحديد (أربعين سنةً) في المكتوب، وفي الحديث: «إنَّ اللهَ قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِينَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ»؟

* فالجواب:

أنّ المعلوماتِ كلَّها قد أحاطَ بها العِلمُ القَديمُ قبلَ وُجودِ مخلوقٍ، ولكنَّه كتبَها في زمانٍ؛ فجائزٌ أنْ يكونَ كَتَبَ خطيئةَ آدمَ قبلَ أنْ يخلقَه بأربعينَ عاماً، وجائزٌ أن تكون الإشارة إلى مُدّةِ لُبْثِهِ طِيناً، فإنّه بَقِيَ أربعينَ سنةً طِيناً، فكأنه يقول: "كتبَ عليَّ قبلَ أنْ أَعْصِيَ منذُ سوَّاني طِيناً قبلَ أنْ ينفخَ فيَّ الرُّوح". (١)

وصلى الله وسلَّمَ على نبينا محمد، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ

تمَّ بحمد الله


(١) كشف المُشْكِل من حديث الصحيحينِ (٣/ ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>