الذي تقتضيه هذه الشهادةُ هو تصديق القلب أنّ محمدَ بنَ عبدِ اللهِ رسولٌ مِن عند الله، والتصديق واليقين بأنّه رسول الله إلى جميع الناس، وكذلك تصديقه في كل ما أخبرَ به عن رب العِزّة.
وهذا التصديق لا ينفع صاحبَه إلا إذا قُرن بطاعته -صلى الله عليه وسلم- فيما به أَمَرَ، وفيما عنه نَهى وزَجَرَ.
قال -تعالى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}[النساء: ٦٥]، وليس مجرَّد التصديق فحسْب، وإلّا فاليهودُ كانوا على يقينٍ أنه رسول الله: قال -تبارك وتعالى-: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[الأنعام: ٣٣]؛ فلم ينفعْهم ذلك!
وقد نفى الله -تعالى- الإيمان عمّن ادّعى تصديق الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم أعرضَ عن اتّباعه: قال -تعالى-: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٤٧].
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"الله -تعالى- خلقَ الخَلْق لعبادته، كما قال الله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦]، وإنّما تَعَبَّدَهُمْ بطاعته وطاعةِ رسوله -صلى الله عليه وسلم-". (١)
** واعلمْ أنَّ الشهادتين تَشمَلان نوعينِ من التوحيد:(توحيد العبادة)، و (توحيد الاتّباع).
فكما نشهد أنّه "لا معبودَ بحقٍّ إلا اللهُ" -وهذا هو توحيد العبادة- نشهد كذلك