للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثُبوتهما؛ لأنَّها من المسائل العقدية التي لا تحتمل الخلاف، لوُرودها بأدلة قطعية الثبوت، وقطعية الدلالة.

* يقول القاضي عبدُ الجبّار:

"فإنّ الأمة أجمعتْ على أنْ لا دارَ غيْر الجنة والنار". (١)

وإنما خالف أهل البدع جماهير أهل السنة في وجودهما، فقد أنكر الجهمية وأكثرُ المعتزلة أن تكون الجنة والنار مخلوقتينِ الآنَ، وقالوا: إنهما تُخلقانِ يوم الجزاء، بل قد زاد في الضلالة مداً ذلك الذي وصف من يقول بوجودهما الآن بالكفر، وهو هشام بن عمرو الفوطي، وكان من جملة القدرية وزاد عليهم في بدع كثيرة.

والذي حملَهم على هذا: إنما هو القياس الفاسد؛ حيث قاسوا أفعال الله -تعالى- على أفعال خلقه، وقالوا: إن الله ينبغي أن يفعل كذا، ولا ينبغي له أن يفعل كذا!!

** فقالوا:

خلْق الجنة والنار قبلَ الجزاء عَبَثٌ؛ لأنهما تَصيرانِ معطَّلتينِ مُدَداً مُتطاوِلة!!

فردُّوا من النصوص ما خالفَ هذه الشريعةَ الباطلةَ التي وضعوها للرب -تعالى-، وحرَّفوا النصوص عن مواضعها، وضلّلوا مَن خالفَ قولَهم وبدَّعوه. (٢)

* والصحيح الذي عليه جماهير أهل السنة، والذي قد دل عليه الكتاب والسنة:

أنّ الجنة والنار مخلوقتانِ الآن؛ فهذا ما أفادَه النقلُ، وأمّا العقلُ فسواءٌ في ذلك


(١) شرح الأصول الخمسة (ص/٦٢٣).
(٢) وانظر التبصير في الدين (ص/٢٦٥) وشرح العقيدة الطحاوية (١/ ٤٢٠)، والفصل في المِلَل والأهواء والنِّحَل (٤/ ٦٨).
وممن قال بذلك من رُءوس المعتزلة: أبو هاشم، وعبد الجبار.
وقد خالفهم في ذلك: أبو علي الجبائي، وأبو الحسين البصريّ، وبِشْر بن المعتمر، فقالوا بقول أهل السنة والجماعة في هذه المسألة. ... وانظر شرح العقائد النسفية" (ص/٢٥٣)، و"خلق الجنة والنار بين أهل السنة والجماعة، والمعتزلة " (ص/١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>