للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك غيرهم فقالوا: بل يتحول عذابها إلى نعيم، كما قال بذلك ابن عربي وعبد الكريم الجيلي. (١)

وقد حكى الإمام أحمد في آخر كتابه [الرد على الزنادقة] مذهبَ الجهمية أنّ النار والجنة تَفنيانِ، وردَّ عليهم ذاكراً النصوصَ الدالة على عدم فنائهما. (٢)

قال ابن القيم:

"وأما القول بفناء الجنة والنار فهو قولٌ قالَهُ جهمُ بنُ صفوانَ إمامُ المعطِّلة الجهمية، وليس له فيه سلفٌ قَطُّ من الصحابة ولا من التابعين ولا أحد من أئمة الإسلام، ولا قال به أحدٌ من أهل السنة، وهذا القول مما أنكره عليه وعلى أتْباعه أئمةُ الإسلام، وكفّروهم به". (٣)

*مذهب أهل السنة والجماعة:

الجنة والنار حق، وهما موجودتانِ الآن، ولا يفنيان.

وقد تَضافرتْ أدلة الكتاب والسنة على تقرير هذا المعتقَد، فمِن أدلة القرآن:

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (١٦٩)) (النساء: ١٦٨ - ١٦٩)، وقال عزوجل {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [المائدة: ٣٧]، وقال تعالى {لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف: ٧٥]،

وقال تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [الجن: ٢٣]، وقال تعالى {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحِجْر: ٤٨].

** ومن أدلة السنة:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-، قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يُؤْتَى


(١) وانظر [مقالات الجَهْم] (ص/٦٥٩)، وإبطال القول بوحدة الوجود (ص/٧١) و التبصير في الدين (ص/٣٠٩) وتفسير المنار (٨/ ٦٠)
(٢) قال الإمام أحمد: "تأوّلت الجهميةُ مِن قول الله: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} [الحديد: ٣]، فقالوا: يكون الله الآخِرَ بعدَ الخَلْق، فلا يبقى شيء ولا أرض ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب ولا عرش ولا كرسيّ". [الرد على الزنادقة] (ص/١٦٨)
(٣) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص/٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>