للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحْدَث، لا أصل له في الشريعة، لم يَعرفه السلف، ولم يُنقل عن أحد منهم، بل هذا تفريقٌ مخالفٌ للكتاب والسنة وإجماع الأمة. (١)

قال ابن القيم:

"وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة، فإنّها لم تَزَلْ تحتجُّ بهذه الأحاديث في الخَبَرِيَّات، كما تحتج بها في الطَّلَبِيّاتِ العَمَلِيّاتِ". (٢)

كذلك قد نقلَ مثلَ هذا الإجماعِ: الشافعيُّ في الرسالة، وابنُ عبد البر في التمهيد.

** فإذا ما سألتَ:

وما الذي حملَ أهلَ البدع على رد الاحتجاج بأحاديث الآحاد في الاعتقاد خاصّةً؟ فالجواب: ما قاله ابن القَاصّ:

"وإنّما دَفَعَ خبرَ الآحاد بعضُ أهل الكلام؛ لعجزه - واللهُ أعلمُ - عن علم السُّنن، زعم أنه لا يقبل منها إلا ما تَواترتْ به أخبارُ مَن لا يجوز عليه الغلطُ والنسيانُ؛ وهذا عندَنا مِنْهُ ذَريعةٌ إلى إبطال سُنن المصطفى صلى الله عليه وسلم. (٣)

** وهل نقلت إلينا رُءوس مسائل الاعتقاد وأُصولها إلا بنقل الآحاد؟!

قال ابن حبّانَ:

"مَن تنكَّبَ عن قبول أخبار الآحاد فقد عمدَ إلى ترْك السنن كلها؛ لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد". (٤)

٤ - رابعاً: دعوى أنّ أحاديث الشفاعة للذين تابوا من أصحاب الكبائر:

كما جنح إلى ذلك القاضي عبد عبد الجبار، فجعل أحاديث الشفاعة بناءً على هذا الأصل راجعة إلى نفع التفضل على المشفوع له، ورفعة الدرجات له. (٥)


(١) لذا فمما نص عليه القاضي عبد الجبار قوله أن حديث "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" لم يثبت، ولو صح فإنه منقول بطريق االآحاد، فلا يصح الاحتجاج به!! (شرح الأصول الخمسة (ص/٦٩٠))
قد فصّلنا القول في هذه المسألة بأدلتها في رسالتنا [البيان الأَثِيث في قواعد علم الحديث].
(٢) الصواعق المرسَلة (٢/ ٤١٢).
(٣) الفقيه والمتفقِّه (ص/ ٢٨١)، وابن القاص هو أحمد بن أبي أحمد الطبري، أبو العباس، الإمام الفقيه، شيخ الشافعية، تلميذ أبي العباس بن سريج، قال ابن خلِّكانَ: "كان إمامَ وقتِه في طبرستان"، تُوفي سنةَ (٣٣٥ هـ).
(٤) مقدمة صحيح ابن حبان (١/ ١٥٦).
(٥) وانظر فضل الاعتزال (ص/٢١٠) ومنهج المتكلمين (٢/ ٦٨١)

<<  <  ج: ص:  >  >>