للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ وَحَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا. (١)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

والمقصود هنا أن عامة فرق الأمة تدخل ما هو من أعمال القلوب، حتى عامة فرق المرجئة تقول بذلك. (٢)

قال ابن القيم:

أهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب. (٣)

* فوائد:

الأولى:

لا يكفي مجرد الإقرار بكفر أبي لهب مثلاً، بل إن عمل القلب يستلزم بغضه فى الله، قال تعالى (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (المجادلة/٢٢).

الثانية:

عمل القلب من أركان الإيمان وبفقده ينعدم الإيمان فى القلب، فإنَّ كفر فرعون ما كان إلا لانتفاء عمل القلب، بالإضافة الى انتفاء قول اللسان، ومثله كفر أبى طالب، قال تعالى عن آل فرعون (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)) (النمل/١٤)

وقال - تعالى-عن موسى - عليه السلام -فى خطابه لفرعون (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا) (الإسراء/١٠٢)

فلقد أبى فرعون أن ينطق بكلمة التوحيد رغم استيقانه بهذه الكلمة، ومثله ما كان من كفر إبليس، فلقد كفر إبليس من باب الكبر والاستكبار على أمر الله تعالى، رغم ما كان عليه من الاعتقاد القلبى بتوحيد الله، ونطقه بذلك، ومن هذا الباب كفر اليهود فكان من باب زوال عمل القلب، وهم كما قال الله (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ)


(١) أخرجه البخاري (٦٠٤١)
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٥٥٠)
(٣) الصلاة وأحكام تاركها (ص/٥٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>