للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأمل:

يحذِّر النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمته من الغلو في الدين، ولو كان الأمر في بضع حصيات، فكيف بالغلو المؤدي إلى الشركيات؟؟!!!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وقوله: «إياكم والغلو في الدين» عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال، والغلو: مجاوزة الحد، بأن يزاد في حمد الشيء أو ذمه على ما يستحق ونحو

ذلك. ا. هـ (١)

* وهل سلك اليهود طريق الكفر إلا من باب الغلو في الأحبار والرهبان، قال تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١]

* وهل سلك النصارى طريق الكفر إلا من باب الغلو في المسيح عليه السلام، قال الله عز وجل {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} [النساء: ١٧١].

* لذا فقد أغلق الشرع كل السبل وسد كل الذرائع الموصلة إلى الغلو في الصالحين،

فنهى عن اتخاذ القبور مساجد، ونهى عن الصلاة عند القبور، وعن تعليتها:

* قال صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا، لَعَنَ اللَّهُ قَوْمًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ" (٢)

- قال ابن عبدالبر:

وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها، فخشي رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم: كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم، وذلك الشرك الأكبر فكان النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم. (٣)


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (ص/٢٨٩)
(٢) أخرجه أحمد (٧٣٥٨) و صححه الألباني في فقه السيرة (ص ٥٣) الوثن: الصنم، وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة، أو غير ذلك من التمثال، وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن، صنما كان أو غير صنم.
(٣) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٥/ ٤٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>