للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومن ذلك ما ذكرته عائشة -رضى الله عنها- تعقيباً على قوله - صلى الله عليه وسلم - " لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ "، قَالَتْ-رضى الله عنها-:

يُحَذِّرُهُمْ مِمَّا صَنَعُوا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزُوا قَبْرَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا ".

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

ومن ذلك الصلاة عندها (القبور)، وإن لم يبن هناك مسجد، فإن ذلك أيضًا اتخاذها مسجدًا، كما قالت عائشة: «ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجدًا».

ولم تقصد عائشة - رضي الله عنها - مجرد بناء مسجد، فإن الصحابة -رضى الله عنهم - لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدًا، وإنما قصدت أنهم خشوا أن الناس يصلون عند قبره،

وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدًا، بل كل موضع يصلي فيه فإنه يسمى

مسجدًا، وإن لم يكن هناك بناء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«جعلتْ لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا» (١)

- قال القرطبي:

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لا تصلوا إلى القبور"؛ أى لا تتخذوها قبلة، وكلّ ذلك لقطع الذريعة أن يعتقد الجهَّال في الصلاة إليها أو عليها الصلاة لها، فيؤدِّي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام. (٢)

الصورة الثانية:

أن يأتي شخص إلى قبر فيسجد عليه، عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه:

«أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلي عليها. (٣)

* قال ابن حجر الهيتمي:

«واتخاذ القبر مسجداً معناه: الصلاة عليه أو إليه» (٤).

** الصورة الثالثة:

أن يُعْمد إلى قبر لمعظِّم فيُبنى عليه مسجد، كما ورد في قوله - صلى الله عليه وسلم - عن النصارى:

" إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (ص/١٨٩)
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٢/ ٦٢٨) وانظر أحكام المقابر في الشريعة الإسلامية (ص/٣٣٧)
(٣) رواه أبو يعلى (٦٦/ ٢) وصححه الألبانى.
(٤) الزواجر (١/ ١٢١) وانظر تحذيرالساجد للعلامة الألبانى (ص/٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>