للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عبدالله بن أحمد:

وجدت في كتاب أبي بخط يده مما يحتج به على الجهمية من القرآن الكريم قوله تعالى

(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)). (١)

فقوله تعالى {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} هنا عدي النظر بـ (إلى) الدالة على الغاية، وهو نظر صادر من الوجوه، والنظر الصادر من الوجوه يكون بالعين؛ بخلاف النظر الصادر من القلوب؛ فإنه يكون بالبصيرة والتدبر والتفكر؛ فهنا صدر النظر من الوجوه إلى الرب عز وجل؛ لقوله: {إِلَى رَبِّهَا}. (٢)

٣) قال تعالى} كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ {(المطففين/١٥)

قال رجل لمالك: يا أبا عبد الله هل يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة؟

فقال رحمه الله: " لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعير اللهُ الكفارَ بالحجاب، فقال: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}. (٣)

قال الشافعى:

فلما حجبهم في السخط كان هذا دليلاً على أنهم يرونه في الرضا، وبه أدين اللَّه، لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى اللَّه لما عبد اللَّه عز وجل. (٤)

٤) قال تعالى} وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ {(الأعراف/١٤٣)

فلما طلب موسى -عليه السلام- رؤية ربه -عزوجل- دل ذلك على جواز أصل حصولها وتحققها، وأن رؤيته -تعالى - ليست ممتنعة في الأصل، وإنما جاء المانع لأمر خارج ألا وهو ضعف أهل الدنيا وعدم تحملهم لذلك الأمر.

وإذا كان الجبل لم


(١) السنة لعبدالله بن أحمد بن حنبل (ص/٥١٢)
(٢) شرح العقيدة الواسطية لابن العثيمين (ص/٤٤٨)
(٣) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٨٠٨)
(٤) أحكام القرآن (ص/٤٠) ومناقب الشافعي (١/ ٤١٩) قال ابن كثير: وهذا الذي قاله الإمام الشافعي-رحمه الله- في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية. تفسير القرآن العظيم (٨/ ٣٥١)
قلت:
وقد ثبت مثل هذا الاستدلال بهذه الأية على رؤية الله -تعالى- عن الإمام أحمد فى كتابه "الرد على الجهمية والزنادقة" (ص/١٣٣)، ونقله عنه ابن بطة فى إبانته الكبرى (١/ ١٠٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>