للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سئل أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج: كيف القدوم على الله؟ فقال:

المحسن كالغائب يقدم على مولاه، وأما المسئ كالآبق يقدم به على مولاه.

أما استدلال المخالف بقوله تعالى (كلا إنهم عن ربهم يومئذ محجوبون).

فجوابه: فهذا الحجب إنما يكون بعد المحاسبة، فإنه قد يقال "حجبت فلانا عنى"،

وإن كان قد تقدَّم الحجب نوع رؤية، وهذا حجب عام متصل، وبهذا الحجب يحصل الفرق بينهم وبين المؤمنين. (١)

فإن قيل: قد قال تعالى (ولا ينظر إليهم)؟!

فجوابه: أن هذا تأويله: نفي نظر الرحمة والتكريم؛ لا مطلق النظر، أرأيت قوله تعالى: (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) مع قوله تعالى (وقفوهم إنهم مسئولون).

فالمنفي في السؤال هو سؤال الاستعتاب كما في قوله (ولاهم يستعتبون).

وإنما يسئلون سؤال تقريع وتوبيخ لقوله تعالى: (فوربك لنسألنهم أجمعين). (2)

- أما استدلالهم بحديث تجلّي الله ضاحكاً للمؤمنين والمنافقين؟!

فجوابه:

فهذا واقع بعد إتيان الله -تعالى- لأهل الموقف جميعهم في صورته، كما سبق ذكره كما في قوله (فيأتيهم في أدنى صورة من التي رأوه فيها).

* أما ما ذكره الإمام ابن خزيمة بأن الاستدلال على إثبات رؤية الكفار بثبوت اللقاء لا يصح، لأن اللقاء غير الرؤية؟!

فجوابه:

نعم اللقاء غير الرؤية، ولكن اللقاء مستلزم للرؤية، فلا يقال لقي فلان


(1) مجموع الفتاوى (6/ 503)
(2) قاله الحسن البصري. وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 478)
قلت:
يؤيد هذا الجمع ما ذكره ابن تيمية: أن القرآن والسنة يدلان على أن الله يكلم الكفار تكليم توبيخ وتقريع وتبكيت، لا تعليم تقريب و تكريم ورحمة.
وقيل في الجمع وجه آخر: أن المنفى إنما هو سؤال الاستعلام والاستخبار، لا سؤال المحاسبة والمجازاة، أى قد علم الله ذنوبهم فلا يسألهم عنها سؤال من يريد علمها، وإنما يحاسبهم عليها.، ذكره ابن القيم في طريق الهجرتين (ص/424) وهو قول ابن عباس رضى الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>