أن هذه الفرق المذكورة في حديث الباب إنما هي من أصحاب البدع المفسقة الذين هم داخل دائرة الإسلام، وأنها داخلة تحت الوعيد؛ فهذا الحديث من أحاديث الوعيد العامة، كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}[النساء: ١٠]، وهو قول جمهور أهل العلم.
ويؤيده:
نص الحديث: قد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى، وهؤلاء من أمة الدعوة، ثم قال صلى الله عليه وسلم:«... وستفترق أمتي...».
فظاهر الحديث يقتضي أن ذلك الافتراق إنما هو مع كونهم من الأمة، وإلا فلو خرجوا من الأمة إلى الكفر لم يُعدّوا منها البَتّةَ (١)؛ فدل ذلك على أن هذا التفرق الذى وقعَ إنما كان في فرق تنتسب إلى الإسلام، فلم تُخرجها بدعُها المحدَثة من دائرة الإسلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"وأما تعيين الفرق الهالكة فأقدمُ مَن بلغَنا أنه تكلم في تضليلهم: يوسف بن أسباط، ثم عبد الله بن المبارَك، وهما إمامانِ جَليلان من أجلّاء أئمة المسلمين، قالا: أصول البدع أربعة: الروافض والخوارج والقدَرية والمرجئة، فقيل لابن المبارك: والجهمية؟ فأجاب بأن أولئك ليسوا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وكان يقول: "إنا لَنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية! "، وهذا الذي قاله اتبعه عليه طائفة من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم، قالوا: إن الجهمية كفار، فلا يدخلون في الاثنتين والسبعين فرقة، كما لا يدخل فيهم