للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاذ مهجور مردود بإجماع الجماعة. (١) - بل قد نقل أبومنصور البغدادي الإجماع على أن الطفل من أبناء المسلمين إذا أظهر كلمة الردة لم يكن مرتداً، فإن مات على ذلك ورثه المسلمان من أبويه، ودفن في مقابر

المسلمين. (٢)

* إشكال:

قد توقّف البعض في حكم أطفال المسلمين لما روت عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ-رضي الله عنها- قَالَتْ: دُعِيَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جَنَازَةِ صَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقُلْتُ:

يَا رَسُولَ اللهِ طُوبَى لِهَذَا، عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ، لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، قَالَ:

«أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ، يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ». (٣)

والجواب عنه:

أنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل، أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة. (٤)

قلت: ثم هم محجوجون بالإجماع الوارد في المسألة. لذا فقد نص النووي أن التوقف في حكم أطفال المسلمين قول لا يعتد به.

٢ - الأمر الثاني:

أن الخلاف في حكم أطفال المشركين إنما هو في حكمهم في الآخرة، أما حكمهم في الدنيا فهم مع آبائهم، كما صح في ذلك الحديث؛ وذلك من حيث القتال والإرث والدفن في مقابر المشركين.

والدليل:

ما ورد عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ -رضى الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ لَهُ:

لَوْ أَنَّ خَيْلًا أَغَارَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَصَابَتْ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ». (٥)


(١) وانظر التمهيد (٦/ ٣٦٩) والأجوبة المستوعبة (ص/١٧٨)
(٢) وانظرأصول الدين (ص/٢٥٩)
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٦٢
(٤) شرح النووي على مسلم (٨/ ٤٦٢)
(٥) متفق عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "هم من آبائهم ":
أي لا حرج في إصابة أطفال المشركين إذا كانوا مختلطين معهم حال الحرب. ولم يتحقق الوصول إلى قتل الكبار إلا بقتلهم فلا حرج، لأن أحكام آبائهم جارية علي أطفالهم في القتال والميراث وفي النكاح وفي القصاص والديات.
وأما النهي عن قتل النساء والصبيان، فالمراد به إذا تميزوا، فلا يجوز قتلهم بطريق القصد إليهم بذلك.
وانظر شرح النووي لمسلم (٦/ ٢٩٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>