للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمد في رواية، وابن المبارك وإسحاق بن راهويه وأبو بكر الأثرم، وقال ابن عبدالبر: وهو مقتضى صنيع مالك. (١)

-واستدلوا على ذلك بما يلى:

١ - عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ-رضى الله عنها- قَالَتْ:

دُعِيَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جَنَازَةِ صَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ طُوبَى لِهَذَا، عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:

«أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ، يَا عَائِشَةُ؛ إِنَّ اللهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ». (٢)

فقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عائشةَ -رضى الله عنها- عن الحكم لصغار المسلمين بالجنة، فكيف بأطفال المشركين؟!

٢ - ما رواه أبوهريرة -رضي الله عنه - أنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه"

ووجه الدلالة في هذا الحديث أنه دل على أن المولود يولد على الفطرة، وما دام أنه يولد على الفطرة فلا يُدرى ماذا سيعمل إذا بلغ، لذا يوكَل أمره إلى الله.

٣ - وكذلك استدلوا بما صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه- قَالَ:

سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ صَغِيرًا، فَقَالَ: «اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» (٣).

قال ابن قتيبة:

قوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين" المعنى: لو أبقاهم. يريد: فلا تحكموا عليهم بكفر آبائهم إذا لم يبلغوا فيكفروا، ولا تحكموا عليهم بميثاق الفطرة التي ولدوا عليها، لأنهم لم يبلغوا فيؤمنوا. (٤)

٤ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضى الله عنهما- قَالَ: أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَأَنَا أَقُولُ:

أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ


(١) وانظر فتح الباري (٣/ ٣٥٥) والاستذكار (٣/ ١٠٨)
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٦٢) وأحمد (٢٤١٣٢)
(٣) متفق عليه.
(٤) كشف المشكل من حديث الصحيحين (٢/ ٣٦٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>