للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢) وروى الشيخان من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رضى الله عنه- في حديث الشفاعة الطويل: يَقُولُ أهل الموقف: يَا مُحَمَّدُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلِيَقْضِ بَيْنَنَا " قَالَ:

" فَأَقُولُ: نَعَمْ، فَآتِي بَابَ الْجَنَّةِ، فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْبَابِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيُقَالُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدُ فَيُفْتَحُ لِي فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي، وَلَا يَحْمَدُهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ بَعْدِي، فَيَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ مِنْكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي ". (١)

ففي قوله صلى الله عليه وسلم: "فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي "، وفي رواية " فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ الْآنَ، يُلْهِمُنِيهِ اللهُ "

دلالة أنه صلى الله عليه وسلم يتعلم تلك المحامد يوم القيامة.

٣) عَنْ عَائِشَةَ-رضى الله عنها- قَالَتْ:

فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ:

«اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ،

لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». (٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فإذا كان أفضل الخلق لا يحصي ثناء عليه ولا يعرف الآن محامده التي يحمده بها عند السجود للشفاعة؛ فكيف يكون غيره عارفاً بجميع محامد الله والثناء عليه، وكل ما له من الأسماء الحسنى فإنه داخل في محامده. (٣)

*ومن النظر:

كثرة الأسماء تدل على عظم المسمَّى، ولا شيء أعظم من الله -تعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.

* إشكال والجواب عليه:

-عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

" إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ " (٤)

استدل البعض بهذا الحديث على حصر أسماء الله -تعالى- في هذا العدد فقط. (٥)


(١) متفق عليه.
(٢) أخرجه مسلم (٤٨٦) والترمذى (٣٤٩٣)
(٣) مجموع الفتاوى (٧/ ٥٧٤)
(٤) أخرجه مسلم (٢٦٧٧) والترمذي (٣٥٠٨)
(٥) و قد ذهب ابن قدامة فى كتابه (المناظرة فى القرآن الكريم) إلى أن أسماء الله -تعالى - تسعة وتسعين اسماً فقط؛ وذلك لحديث (إن لله تسعاً و تسعين اسماً....)
وأما ابن حزم فزعم أن من زاد شيئًا في الأسماء عن التسعة والتسعين فقد ألحد في أسمائه، وهو مع قوله بهذه الأسماء الحسنى فلم يثبت منها إلا الألفاظ المجردة من المعاني المثبتة للصفات. وانظر (المحلى (١/ ٣٠) ومقدمة "الدرة" (ص/١٦٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>