للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال:

إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة، فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين، أي رزء للإسلام أشد من الكفر، وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله؟!

وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟! وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبا؟! (١)

قال سليمان بن عبد الله:

الذي يفعله عبَّاد القبور إذا طلبت من أحدهم اليمين بالله، أعطاك ما شئت من الأيمان صادقًا أو كاذبًا. فإذا طلبت منه اليمين بالشيخ أو تربته أو حياته، ونحو ذلك، لم يقدم على اليمين به إن كان كاذبًا. فهذا شرك أكبر بلا ريب، لأن المحلوف به عنده أخوف وأجل وأعظم من الله. (٢)

ب) الحالة الثانية:

من أقسم بغير الله -تعالى- معتقداً في المحلوف به من التعظيم دون ما يعتقده في الله - تعالى- فهذا مما يقع تحت الشرك الأصغر الذى لا يُخرج من الملة.

وإنما سُمَّى شركاً لأن من حلف بغير الله-تعالى- فقد جعل من حلف به كما الله- تعالى - محلوفاً به، وإن لم يكن معظماً له كتعظيمه لله عزوجل، وهذا مما يعد من شرك الأعمال، ولا يدخل في شرك الاعتقاد. (٣)

جـ) الحالة الثالثة:

من أقسم بغير الله -تعالى- دون أن يعتقد في المحلوف به تعظيماً، سواء في ذلك أكان هذا المحلوف به معظَّماً، كالملائكة والأنبياء والكعبة، أم غير معظم كالأباء والأبناء، وهذه التى وقع فيها الخلاف بين العلماء على قولين:

١) القول الأول:

الكراهة:

وهو قول المالكية وجمهور الشافعية والظاهرية، وهو قول عند


(١) وانظر نيل الأوطار (٤/ ١٢٠) والزواجر عن اقتراف الكبائر (٢/ ٣٤٤)
(٢) تيسير العزيز الحميد (ص/٥١٤)
قلت:
ولا شك أن كلام الشوكانى وسليمان بن عبد الله يوضح لك الفرق الذى يعسرعلى البعض الوقوف عليه، وهو الفرق بين من يقسم بغير الله -تعالى- معظماً لمن يقسم به كتعظيمه لله أو أشد وهو الشرك الأكبر، وبين من يقسم بغير الله -تعالى- معظماً لمن يقسم به دون تعظيمه لله تعالى.
(٣) شرح مشكل الآثار (٢/ ٢٩٠) وعارضة الاحوذى (٧/ ١٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>