والجواب أن هذا لا يعارض إعذار المتأول، ويتبين ذلك بوجهين:
الأول:
أن هناك فرقاً بين فهم الدلالة وفهم الهداية. فليس كل من بلغته الحجة وفهمها يهتدي بها.
لكنَّ الله -تعالى- قد جعل فهم الدلالة شرطاً في تكليف عموم الناس مؤمنهم وكافرهم، ولم يجعل فهم الهداية والتوفيق إلا لمن أراد لهم ذلك، وهو محض فضل من الله تعالي، أو بفضل منه جزاء لمن سعي في طلب الهدي.
فالفهم المشروط في قيام حجة الله -تعالى- على العباد غير الفهم الذي هو مقتضى هداية الله - تعالى -وتوفيقه، والشبهة التي تتعلق بفهم الحجة غير الشبهة التي هي لعدم الهداية ولو بلغت الحجة، وهذا فرق ظاهر.
يبين ذلك أن الآيات التي قد يستدل بها من لا يفرق بين هذين الأمرين كلها فيما