أن النبي - صلى لله عليه وسلم - لما وقف على أمر حاطب قال له:
ما حملك على ذلك؟
فلو كان أصل فعله بذاته لا يحتمل التفصيل لما استفصل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان " ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال "، فإن الاستفصال في مقام الاحتمال لا ينزل منزلة العموم في المقال، بل يكون الحكم فيه تفصيل وتبيين.
(٣ فإن قيل:
ألا يستدل بقوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (١٠٧)) (النحل/١٠٧) على كفر من والى أعداء الله -تعالى- ولو لغرض دنيوى؟؟؟
والرد على ذلك:
أن الاستدلال بهذه الأية كفر كل من قدَّم أمر الدنيا على الآخرة مما يقال فيه إنَّ " الدليل أخص من الدعوى"؛ فقد ورد سياق هذه الأية فيمن أُكره على كلمة الكفر، حيث رُخص له في ذلك مادام قلبه مطمئناً بالإيمان، ثم ذكر الله -تعالى- في مقابل ذلك " مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا " فاختاره وآثره على الإيمان، وباح به طائعاً، فعليهم غضب من الله، ولهم عذاب عظيم.
قال ابن كثير:
لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، فأقدموا على ما أقدموا عليه من الردة لأجل الدنيا، ولم يهد الله - تعالى - قلوبهم ويثبتهم على الدين الحق، فطبع على قلوبهم. (١)
٢) القسم الثانى: الموالاة الكبرى:
أن تكون موالاتهم لنصرة دينهم وتسلطهم على دين الإسلام والمسلمين، فمثل هذا يكون كفراً أكبر مخرجاً من دين الإسلام. فمن ظاهر المشركين وعاونهم على المسلمين لأجل دينهم فلاشك في كفره.
وفى مثل هذا قال الله تعالى (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ