العلو، مع أن وجهه يلي الأرض، بل كلما ازداد وجهه ذلاً وتواضعاً، ازداد قلبه قصداً للعلو، كما قال تعالى:{واسجد واقترب}[العلق: ١٩].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد».
فعلم أنهم يفرقون بين توجه وجوههم في حال السجود إلى الأرض.
وتوجيه القلوب في حال الدعاء إلى من في السماء. (١)
* ومن شبهاتهم:
قد جاء الوعيد في السنة الصحيحة في نهي المصلِّي عن النظر إلى السماء، فلو كان الله في جهة العلو لما ناسب ذلك ورود هذا النهى!!
والجواب ما نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، قال رحمه الله:
وليس نهي المصلي عن رفع بصره في الصلاة رداً على " أهل الإثبات " الذين يقولون: إنه على العرش كما يظنه بعض جهال الجهمية؛ فلو كان الأمر كذلك لكان النهي عن رفع البصر شاملاً لجميع أحوال العبد، وقد قال تعالى:{قد نرى تقلب وجهك في السماء}، فليس العبد يُنهى عن رفع بصره مطلقاً، وإنما نهي في الوقت الذي يؤمر فيه بالخشوع؛ لأن خفض البصر من تمام الخشوع، كما قال تعالى:{خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث} وقال تعالى: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي}.
وأيضا فلو كان النهي عن رفع البصر إلى السماء وليس في السماء إله لكان لا فرق بين رفعه إلى السماء ورده إلى جميع الجهات.
ولو كان مقصوده أن ينهى الناس أن يعتقدوا أن الله في السماء أو يقصدوا بقلوبهم التوجه إلى العلو لبيَّن لهم ذلك كما بيَّن لهم سائر الأحكام، فكيف وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا في قول سلف الأمة حرف واحد يذكر فيه أنه ليس الله فوق العرش، أو أنه ليس فوق السماء أو أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا محايث له ولا