للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢) قال ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ-رضى الله عنها- وَسُئِلَتْ:

" مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْلِفًا لَوِ اسْتَخْلَفَهُ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، فَقِيلَ لَهَا: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَتْ: عُمَرُ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا مَنْ؟ بَعْدَ عُمَرَ، قَالَتْ:

أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى هَذَا. (١)

قال النووي:

هذا فيه دلالة لمذهب أهل السنة أن خلافة أبي بكر -رضى الله عنه- ليست بنص من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خلافته صريحاً، بل أجمعت الصحابة - رضي الله عنهم - على عقد الخلافة له وتقديمه لفضيلته، ولو كان هناك نص عليه أو على غيره لم تقع المنازعة من الأنصار وغيرهم. (٢)

* الترجيح:

بعد استعراض المذهبين نستطيع أن نقرر ما يلي:

١ - لم يأت نص صريح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في التنصيص على خلافة الصديق رضى الله عنه، وهذا بالإجماع الذي نقله النووي، بل ورد النص فى ذلك عاماً، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (الْأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ) (٣)

وهو قول جمهور الصحابة رضى الله عنهم، والعلماء من بعدهم.

٢ - الراجح - والله أعلم - أن أبا بكر - رضي الله عنه - تولَّي الخلافة باختيار أهل الحل والعقد، ذلك الاختيار الذى قد قام بناءً على إشارات نبوية تزكِّى هذا الاختيار، تلك الإشارات التى تم ذكرها عند سرد أدلة القول الأول.

وهى إشارات لها دلالات لا تغيب عن فهم أولى الألباب من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

* ومما يؤيد ذلك:

قول عمربن الخطاب -رضى الله عنه- وهو يحكى ما وقع يوم السقيفة:

" فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ مما قال:

وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ " (٤)

فإنه لو كان ثمة تنصيص سابق واستخلاف لأبي بكر - رضي الله عنه - لما فعل ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على حديث «لقد هممتُ أن أرسلَ إلى أبي بكرٍ


(١) أخرجه مسلم (٢٣٨٥)
(٢) وانظرالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٨/ ١٦٢) والأجوبة المرضية (٣/ ٩٢٤)
(٣) أخرجه أحمد (١٩٨١٨)، انظر صَحِيح الْجَامِع (٢٧٨٨)
(٤) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>