للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نقل النووي الإجماع على ذلك فقال:

اتفق أهل السنة من المحدثين، والفقهاء، والمتكلمين على أن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة، ولا يخلد في النار لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقادًا جازمًا خاليًا من الشكوك، ونطق بالشهادتين، فإن اقتصر على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصلًا، إلا إذا عجز عن النطق لخلل في لسانه. (١)

٣ - الفائدة الثالثة:

قَولَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه: " وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ... "

وقد وقعت الشبهة لعمر رضي الله عنه، فراجع أبا بكر -رضي الله عنه - واحتج عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم:

" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم نفسه وماله إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ " وكان هذا من عمر - رضي الله عنه - تعلقاً بظاهر الكلام قبل أن ينظر في آخره ويتأمل شرائطه، فقال له أبو بكر - رضي الله عنه - " إن الزكاة حق المال "، يريد أن القضية قد تضمنت عصمة دم ومال معلقة بإيفاء شرائطها، والحكم المعلَّق بشرطين لا يحصل بأحدهما والآخر معدوم، ثم قايسه بالصلاة ورد الزكاة إليها.

وكان في ذلك من قوله دليل على أن قتال الممتنع من الصلاة كان إجماعاً من الصحابة، وكذلك رد المختلف فيه إلى المتفق عليه، فاجتمع في هذه القضية الاحتجاج من - عمر رضي الله عنه - بالعموم، ومن أبي بكر - رضي الله عنه - بالقياس، ودل ذلك على أن العموم يُخص بالقياس. (٢)

* قد ورد في رواية لحديث الباب عن ابْنِ عُمَرَ وأبي هريرة وأنس-رضى الله عنهم- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

«أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١/ ١٤٩)
(٢) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١/ ٢٣٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>