للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكم هذه الصورة أنها داخلة فى الكفر الأصغر؛ وذلك لعدم الدليل على دخولها في الشرك الأكبر.

فالشريعة لم تعلِّق الكفر على تعميم الحكم أو الإلزام به، كما أن الأدلة لم تفرَّق بين الحاكم الذى يعمم والذى لا يعمم، ولا بين الحاكم الذى يُلزم من تحته والذى لا يُلزم (١).

وعليه فإنَّ ذات التشريع ولو كان عاماً لا يكون كفراً، إلا إذا انضم إليه شئ آخر.

**قال شيخ الإسلام ابن تيميه:

كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله سبحانه وتعالى، كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة.

وهذا هو الكفر، فإن كثيرا من الناس أسلموا، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك، بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار، وإلا كانوا جهالاً. (٢)

فرع:

قد استدل البعض على جعل هذه الصورة من الكفر الأكبر بأنَّ الفاعل لذلك ما استبدل حكم الله لحكم نفسه، ثم جعله حكماً عاماً ألزم به من تحته إلا وهو يعتقد أن حكمه أنفع وأصلح من حكم الله تعالى، فالإلزام في التشريع العام هو الإيجاب، ولا يشك عاقل أن من أوجب شيئًا على سبيل العموم فلابد أن يكون مستحلاً له ضمناً، فالإيجاب يتضمن الإباحة ويزيد عليها. (٣)


(١) الحكم بغير ما أنزل لبندرالعتبى (ص / ٤٣)
(٢) وانظر منهاج السنه النبويه (٥/ ١٣٠) ونواقض الايمان (ص / ٣١٨)
(٣) وهذا ما يسمى " بالتكفير باللازم "، حيث إن القائلين بحمل قضية التشريع العام على الكفر الأكبر، إنما حكموا بذلك أخذاً بلازم الفعل، لذا تراهم يقولون:
أن كل من جعل شرعاً عاماً متبعاً، فإنه لم يجعله كذلك إلا لأنه يراه هو العدل، ولذلك يسمى مستحلاً.
وقالوا: لا شك أن تبديل الشريعة لا يكون إلا استحلالاً، فإن المبدل للشرع كتشريع عام للناس لا يتصور أن يفعل ذلك إلا إذا كان يجحد أن لله حكماً في هذه المسألة التي يشرع فيها، أو يقر بوجود حكم في دين الله ولكن يرى أن هذا الحكم الوضعي أحسن منه، أو مساوٍ، أو على الأقل يرى أنه لا يلزمه أن يحكم بشرع الله، وكل هذا ينطبق عليه وصف الاستحلال.
وأما إذا ضم إلى ذلك إلزام الغير به، فهذا قد تجاوز مرحلة استحلال الحكم بغير ما أنزل الله إلى تحريم الحكم بما أنزل الله!!

<<  <  ج: ص:  >  >>