إلزامٌ غير صحيح؛ لأن دِلالة الفعل الظاهر على الاستحلال في الباطن دِلالة مُحتمِلةٌ لا تقوى على دفع الإسلام الثابت للرجل باليقين؛ لأن من دخل الدين بيقين لم يخرج إلا بيقينٍ مثله.
ثم هذا يفتح باباً في تكفير أهل المعاصي؛ إذ كل من يستعظم معصيةً يحكم على صاحبها بأنه كافر لزعْمِهِ أنه مستحل لهذه المعصية.
٣ - الوجه الثاني:
يلزم من ذلك تكفير من اتفق أهل السنة على عدم تكفيره، وهو من شرَّع ذنباً ما - دون شرك - ثم ألزم أهله به، وخالف من ينكر عليه، فلا يكفر عند أهل السنة، بل يكفر عند من التزم القول بهذه المقالة.
٤ - الوجه الثالث:
أن المخالف في هذا الباب إنما جعل التشريع العام، وتنحية الشريعة قرينة على التفضيل القلبي!!
- وجواباً على ذلك أن يقال:
أن التفضيل لا يعرف بعظم الفعل والتمادي فيه، ولو بلغ أقصى درجاته، وإلا للزم من ذلك تكفير أصحاب البنوك الربوية وبيوت الفاحشة، لكون القرائن قد اجتمعت على تفضيلهم للربا على الكسب الحلال، وللزنى على العفاف، وهذا معلوم البطلان. (١)
*وممَّا سبق يتبين لنا تفريق العلماء بين الحالات التى يكون فيها الحكم بغير ما أنزل الله- تعالى - كفراً أكبر، و الحالات التى يكون فيها كفراً أصغر.
وتزيد عن ذلك نقولات لأهل العلم ومنها ما يلى:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وتمام هذا أن الإنسان قد يكون فيه شعبة من شعب الإيمان وشعبة من شعب النفاق؛ وقد يكون مسلما وفيه كفر دون الكفر الذي ينقل عن الإسلام بالكلية كما قال الصحابة: ابن عباس وغيره: كفر دون كفر. وهذا قول عامة السلف وهو الذي نص عليه أحمد وغيره ممن قال في السارق والشارب ونحوهم ممن قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم {إنه ليس بمؤمن}.