للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحاديث التى نصت على أن من مات على التوحيد فمآله إلى الجنة، وإن مات مصرّاً على فعل الكبائر، كما قد ورد في حديث أَبَى ذَرٍّ -رضى الله عنه- أن النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

" مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ " قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ:

«وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: «عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ». (١)

* أو الأحاديث التى أفادت تحريم النار على من مات على التوحيد، كما ورد في حديث عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ -رضى الله عنه- أن رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:

" فَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ " (٢)

*وعلى الجانب الآخر فقد ركن الخوارج والمعتزلة إلى أحاديث الوعيد، على اختلاف دلالاتها:

واتفقوا على أن المؤمن إذا خرج من غير توبة عن كبيرة ارتكبها، استحق الخلود في النار، لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار، وسمُّوا هذا النمط: وعداً ووعيداً. (٣)

وفى ذلك يقول القاضي عبد الجبار وهو يقرر تخليد صاحب الكبيرة في النار:

فأي تشنيع علينا إذا اتبعنا الكتاب والسنة؟!!

وقال بعد أن ذكر جملة من أدلة الوعيد فى حق أصحاب الكبائر، قال:

"ويحمل قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (النساء: ٤٨) على صغائر المعاصي ". (٤)


(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.
(٣) الملل والنحل للشهرستاني (ص/٤٥) وهذا على اختلاف يسير بين الخوارج والمعتزلة في حكم فاعل الكبيرة بين الحال والمآل، فقد افترقوا في حاله في الدنيا، فقال الخوارج: هوكافر في الدنيا، وقال المعتزلة هو في منزلة بين الكفر والإيمان، فهو فاسق، ثم اتفقوا على أن مآله إلى الخلود في النار.
(٤) الأصول الخمسة (ص/١٠٧ - ١٧٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>